الجغرافيا السياسية Political Geography
تعتبر الجغرافيا السياسية فرعاً رئيسي من فروع الجغرافيا البشرية، وتهتم بدراسة الوحدات السياسية ومقومات وجودها وتطورها. وتعتمد على عناصر البيئة الجغرافية في تفسير خصائص الوحدات السياسية من حيث قوتها، أو ضغطها، واستقرارها أو تفككها. كما تهتم الجغرافيا السياسية بدراسة النُظم السياسية Political Systems[1]، كما أنها تدرس التفاعل بين المنطقة الجغرافية والعملية السياسية وعلاقتها المكانية.
وتعالج الجغرافيا السياسية النمط السياسي للعالم، وهو نمط معقد إلى حد كبير، بسبب التجزئة المتباينة لسطح الأرض إلى وحدات سياسية تتفاوت في الحجم المساحي والسكاني تفاوتاً كبيراً، وتغير الأنماط السياسية في حدودها، ومقوماتها، ومشكلاتها الناجمة عن تفاعل الإنسان ببيئته مما ينعكس على أوضاعها الداخلية وعلاقتها الخارجية، وتهتم الجغرافيا السياسية في هذا المجال بمواكبة مظاهر التحول في رقعة الوحدات السياسية، وسكانها، ومواردها، وعلاقتها بالدول الأخرى، لذا فهي تتصل بعلوم أخرى عديدة تتضافر كلها لتحليل القوة الجغرافية طبيعياً وحضارياً واقتصادياً، وتحديد علاقتها المتشعبة في المكان والزمان، ومن أهم هذه العلوم ما يلي:
التاريخ
للتاريخ أبعاد ثلاثة هي الإنسان، والزمان، والمكان، وهو يمد الجغرافيا السياسية، التي تتكون من بعدين هما الأرض والإنسان، بما تحتاجه عن مجريات الأحداث التاريخية التي أثرت في تطور الدولة من حيث تقدمها أو تخلفها. ونظراً لاهتمام الجغرافيا السياسية بالخصائص السياسية في الوقت الحاضر، فإن هذه الخصائص لا يمكن فهمها إلاّ في ضوء الماضي، كما أن السلوك السياسي للدولة والحكومات يتأثر بميراث الماضي. كل هذا ما يقدمه التاريخ لمعاونة الجغرافيا السياسية.
علم السياسة
يختص علم السياسة بدراسة كل ما هو متصل بالسلطة أو بحكومات الدول، أي دراسة العلاقة بين الحاكمين والمحكومين. ويتضمن ذلك دراسة النُظم، والمذاهب السياسية، والمؤسسات السياسية، والحكومات المركزية، والإقليمية، والإدارة العامة، ووظائف كل منها، كما أنه يتناول الجماعات، والرأي العام، والدساتير، والأحزاب السياسية، والعلاقات الدولية، والقرارات السياسية.
وتستمد الجغرافيا السياسية اسمها من الجغرافيا وصفتها من السياسة، ومن ثم فهي على صلة وثيقة بالعلوم السياسية. وتهتم الجغرافيا السياسية بدراسة التفاعل بين الظاهرة السياسية وبين العوامل الجغرافية في مكان ما، أي أن الجغرافيا السياسية تمثل همزة الوصل بين الجغرافيا من ناحية والعلوم السياسية من ناحية أخرى.
والصلة وثيقة أيضاً بين الجغرافيا السياسية وعلم العلاقات الدولية[2]. إذ لا يمكن تفسير علاقة دولة بدول أخر دون الرجوع إلى البيئة الجغرافية لكل منهما. إضافة إلى أن كثيراً من أسس العلاقات الدولية هي نفسها موضوعات في الجغرافيا السياسية، فكلا العلمين يهتم بدراسة السياسة الخارجية للدول، وتوازن القوى، والمنظمات العالمية والإقليمية، والمعاهدات المتنوعة، والإستراتيجية العسكرية.
ولتحديد قوة الدولة، وسلوكها السياسي، وعلاقتها بغيرها، تقوم الجغرافيا السياسية بتحليل عوامل الدولة البشرية الممثلة في السكان والموارد الاقتصادية، وعواملها الطبيعية الممثلة فيما يلي:
--------------------------------------------------------------------------------
[1] لكل نظام سياسي خاصيتان هما: أ. العملة السياسية التي عن طريقها يعمل ويمارس النظام فعالياته. ب. منطقة جغرافية يعمل داخل حدودها ونطاقها. فلا يمكن أن يكون هناك نظام سياسي في فراغ. وتركز الجغرافيا السياسية في دراستها على المنطقة التي يسيطر عليها النظام السياسي.
[2] ينقسم علم السياسة إلى ثلاثة أقسام هي: أ. السياسة الخارجية للدولة. ب. النظام الدولي. ج. القانون الدولي (القواعد القانونية التي تُنظم علاقات الدول ببعضها البعض).